إليك مقالة فلسفية جاهزة حول موضوع: الأخلاق والواجب (نموذج بكالوريا).
---
📝 المقالة الفلسفية
المقدمة
يُعدّ الواجب من أبرز المفاهيم الأخلاقية التي تنظّم السلوك الإنساني، إذ يُلزم الفرد بأداء أفعال معينة بغضّ النظر عن ميوله ورغباته. غير أنّ الفلاسفة اختلفوا في تحديد مصدر هذا الواجب: فهل هو نابع من العقل؟ أم من نتائج الأفعال ومنافعها؟ أم من المجتمع؟ أم من الدين؟ وهنا تُطرح الإشكالية: ما هو مصدر الإلزام الأخلاقي؟ وهل الواجب الأخلاقي يُؤدى لذاته أم لتحقيق غاية أخرى؟
---
العرض
أ – الأطروحة الأولى: الواجب مصدره العقل
يرى الفيلسوف الألماني كانط أنّ الواجب الأخلاقي يستمد إلزامه من العقل العملي. فالفعل الأخلاقي لا يُقاس بنتائجه بل بالنية والدافع الذي يصدر عنه. لذلك يكون الفعل أخلاقيًا إذا أُدّي بدافع احترام الواجب، لا بدافع المنفعة أو اللذة. القانون الأخلاقي عنده كوني وضروري: "افعل بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي غيرك دائمًا كغاية لا كوسيلة".
🔹 نقد: هذا الموقف مثالي صارم، يتجاهل ميول الإنسان ونتائج أفعاله الواقعية.
ب – الأطروحة الثانية: الواجب مصدره المنفعة
يرى الفلاسفة النفعيون مثل بنتام وجون ستيوارت ميل أنّ الواجب يتحدد حسب نتائج الأفعال. فالفعل يكون أخلاقيًا إذا حقق أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد ممكن من الناس. الأخلاق هنا مرتبطة بالمنفعة والنتائج العملية.
🔹 نقد: هذا التصور قد يُبرر الوسائل غير الأخلاقية إذا أدّت إلى منفعة عامة.
ج – الأطروحة الثالثة: الواجب مصدره المجتمع
يذهب عالم الاجتماع إميل دوركايم إلى أنّ الأخلاق تُستمد من الضمير الجمعي المتمثل في العادات والتقاليد والقوانين. فالواجب يتمثل في احترام هذه القواعد الاجتماعية. وبما أنّ المجتمع يسمو على الأفراد، فإنه يفرض عليهم التزامات أخلاقية.
🔹 نقد: يؤدي هذا التصور إلى نسبية الأخلاق، لأن ما يُعتبر واجبًا في مجتمع قد لا يكون كذلك في آخر.
د – الأطروحة الرابعة: الواجب مصدره الدين
يرى الفكر الديني – خاصة في الإسلام – أنّ الواجب الأخلاقي يستمد إلزامه من أوامر الله ونواهيه. فالخير هو ما أمر به الشرع، والشر ما نهى عنه. غاية الواجب هنا ليست فقط تحقيق النظام الاجتماعي بل أيضًا التقرب من الله والفوز بالسعادة الأخروية.
🔹 نقد: قد يُتَّهم هذا الموقف بالاعتماد على الغيب وصعوبة البرهنة العقلية على أوامره.
---
التركيب
يتضح أنّ الواجب الأخلاقي مفهوم معقد لا يمكن ردّه إلى مصدر واحد. فالأخلاق تقوم على تكامل: العقل الذي يوجّه السلوك، والمجتمع الذي يضع القوانين، والدين الذي يمنحها قداسة، مع اعتبار المنفعة التي تحقق الخير العام.
---
الخاتمة
إذن، يمكن القول إنّ الواجب الأخلاقي لا يُؤدى بدافع واحد بل هو حصيلة تفاعل بين العقل والمجتمع والدين والمنفعة. غايته في النهاية هي تنظيم سلوك الإنسان وتوجيهه نحو الخير والعدل، وضمان التعايش السليم بين الأفراد.
---

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق